العجوز المسكينة

مرت علينا عجوز جاءت في غير موعد الزكاة تطلب ما تيسر ،ملامحها توحي انها كانت جميلة في صباها بيضاء اللون ،قصيرة القامة غائرة العينان ،ترتدي جلبابا وردي اللون ،انيق المظهر وحذاء اسود صغير وتحمل بين يديها محفظة واسعة خالية !

بدأت تتحدث عن أحوالها وتاريخها (النضالي من أجل أبناءها) والكم من الاعمال التي مرت بها ولم تتعب !

إنها في عمر جدتي التي تقبع في فراشها بينما هذه العجوز اللطيفة لازالت تقف بثبات وتتحدث بطلاقة !

خرجت عن صمتها تقول أنها لا تريد هذا لنفسها ولا تريد أن تطلب الغير فوجهها وكرامتها لا تستحملان !! ببساطة هي تريد عملا وتؤكد أنها قادرة عليه ولن تغش ولن تفعل كذا ،يرونها عجوز فيرفضن تشغيلها ... لديها شابان كانت تتعب لأجلهما بعد ان اخذت الحياة زوجها وتركتها تقاصي بمفردها !

حكت ان احد الاشخاص اهداها نعجتين كانت ستتوقف في اخر مسارها عند بيعهم والتشبث بالمبلغ الى اخر رمق لكن ابنها احتاج بيعهما لأجل زواجه واعدا إياها أنه سيعيلها ولم يكن الا ان وافقت وكيف لا وهو من فلذة كبدها ! 

تزوج بدون موافقتها أو حتى بدون حظورها للخطبة ونساها بعد أن احتاجت له لكنها ليست آسفة وهي تقول "مسامحاه ،مااشي لخاطرو وكل مرة نصلي كاندعي ليه ييسر ليه"

أثرت فيّ كلماتها ومظهرها كثيراً ،بقيت تتحدث قليلا ثم رحلت ... لم يكن بيدي أن أفعل شيئا فليس باليد حيلة بكل أسف سوى أن أكتب لأجلها هذه السطور وأتركها وثيقة هنا ربما يمر عليها شخص تأثر فيه فيساعدها قبل أن يصل قطارها !

نعم ! ففي الارض قلوب رحيمة :)