الاثنين، 28 مايو 2012

قصة التارازا - الحادث


من بعيد: سمعت في الاخبار عن حادثة سيارة خرجت عن الطريق السيار ومات كل الركاب ما عدى فتاة صغيرة وافادت الاخبار ان السائق كان مخموراً ولم ينتبه  للشاحنة القادمة امامه والتي تركت اثرا لعجلاتها في مكان الحادث !
البداية
جاء بوعزة تعبا من عمله مساءاً بعد يوم شاق ،نزع قبعته "التارازا" ورماها بجانب باب منزله  القابع في البادية وارتمى قرب أول وسادة يلمحها في الظلام ثم نام نوما عميقا !

الصراع
بجانب التارازا كان هناك قط يمتلكه بوعزة ،كان قطا رمادي اللون بخطوط بيضاء ضخم الجثة ،والظاهر أنه كان يطارد فأرا لمحه يمر قربه فبدأت المطاردة ..
اتخذ القط هيئة غريبة متخفيا خلف التارازا محاولا الانقضاض على الفأر الذي كان يقوم بجولة مسائية كالعادة !
لم ينتبه الفأر للأمر الا وهو يحاول قضم التارازا فأمسكه القط بحركة سريعة بمخالبه حتى تدحرجت التارازا لقوة الصدمة فسقط ضحية سهلة في ذاك المساء الرومانسي الهادئ !
وبعد أن أنهى القط قضم آخر عضمة من الفأر المسكين دخل وسط ثغر التارازا ونام هناك بقية الليل !

الصباح
على صوت تغاريد العصافير وعلى دوي صياح الديك استفاق بوعزة من نومه نشيطا، وعلى خيوط شروق الشمس فتح عيناه ؛
وجد زوجته حليمة قد قامت باكراً وهيأت الفطور واعدت الكثير من أعمال البادية الشاقة دونما شكوى !
تناول ما تيسر ثم حمل قبعته "التارازا"، اقترب من زوجته ومنحها قبلة على خدها ثم ودعها واعداً اياه انه سيعود باكراً !
وعلى صوت هدير محرك المرسيديس انطلق تاركا سحابة بنية داكنة انبرت لها الرياح فشتتها وسط ابتسامة غريبة من زوجته حليمة  التي اندهشت لتعامل زوجها الطيب هذا الصباح.

الانطلاقة
 كان عمل بوعزة يقتصر على ايصال الركاب من مدينة لمدينة ولم يكن يظن لوهلة انه سيقود لآخر رحلة !
امتلأت السيارة وركب الجميع ثم انطلقوا ...
كان الجو يومها حارا ،في الجانب يجلس رجل عجوز له هواية غريبة وهي البحث عن البترول داخل انفه وفي الجانب الاخر هناك شخصان احدهما سمين والاخر فاره الطول التسق بزجاج السيارة لأن السمين يحجبه ويضغطه وفي الامام اصطف عجوز وبرفقتة طفلة صغيرة ثم السائق بوعزة .

الحركة 
كان زحام رهيب وسط السيارة وبوعزة اعتمر التارازا من شدة الحر وفي كل دقيقتين كان يحركها قليلا ويعيدها لمكانها، لم ينتبه لشعر القط الملتسق خلف التارازا !
في الامام هناك شاحنة الفولفو قادمة بسرعة وفي الجهة اليسرى يوجد طفل يسوق ببطئ وتمايل مخيفين دراجته الصفراء اما في الخلف هناك سيارة اخرى حمراء فخمة تسوقها فتاة شقراء سرعان ما تجاوزت الكل ومرت بسرعة تاركة ابتسامة غرور على محياها وفي لحظات اختفت من الطريق ثم بدا كل شيء عادي !!

الصدمة 
حرك بوعزة التارازا مرة اخيرة طار على اثرها شعر القط في الهواء ،لم يستطع خلالها ان يكتم دوي العطسة فانفجر دامعاً ،توقفت اجهزة السائق عن العمل فتراخت يداه فاستدارت على اثرها السياره متجهة صوب الشاحنة القادمة بسرعة ...
غير بعيد كان سائق الشاحنة في تلك الاثناء يلتفت للاسفل محاولا اخراج هاتفه الذي يرن من صندوق الشاحنة وبلمح البصر نظر للاعلى فوجد سيارة الاجرة تتجه نحوه فإستجاب بسرعة ورمى الهاتف واستدار كليا للجهة الاخرى ضاغطا في الوقت نفسه على المكابح ...
سمع الطفل صوت احتكاك عجلات الشاحنة بالطريق فأطلق سيقانه للريح بعد ان ترك دراجته مرمية بجانب الطريق !
استفاق بوعزة من الصدمة وبسرعة حاول تدارك الموقف بالضغط على الفرامل فتلقت السيارة صدمة قوية من الشاحنة دحرتها بعيدا تجاه دراجة الطفل فدهستها وانجرفت تتدحرج بقوة متجاوزتا حاجزا لتقفز عاليا وترتمي في جرف ليسمع دوي انفجار بشكل مخيف !
(قبلا) داخل السيارة كان الكل مصدوما ،فبوعزة السائق أدرك أنها اللحظة والرحلة الاخيرة له ولجميع الركاب فترك المقود واغمض عيناه وبجانبه استطاع العجوز قبيل تلقي السيارة الصدمة من الشاحنة انقاذ الفتاة الصغيرة عندما اخرجها ورماها من السيارة أسفل الشاحنة ...
بينما باقي الركاب انصدموا ولم يحركوا ساكنا وتقبلوا النهاية المحتومة بصدر رحب !

الطفلة الناجية
توقفت الشاحنة وخرج السائق مذعورا فنظر للخراب الذي أمامه وجرى لجانب الجرف ليلقي نظرة على السيارة المشتعلة بخوف ورهاب شديدين فارتعشت يداه وتصبب جبينه وهو يفكر في السنوات التي قد يقضيها في السجن لمجرد خطأ لم يرتكبه ثم سمع صوت أنين من خلفه فالتفت مذعورا ...
فلمح الطفلة مرمية اسفل الشاحنة مدرجة في الدماء فاسرع الخطى نحوها واخرجها من هناك وتفحصها وبعد ان تأكد انها بخير وضعها بجانب الطريق بعد ان ضمد جرحها ثم ركب شاحنته وانطلق يخترق الريح بمشاعر مختلطة بين الخوف والاسف والذنب .

توقفت سيارات الشرطة والاسعاف والمطافئ بعد ذلك بحوالي النصف ساعة بعد تلقيهم اتصالا من مجهول ...

التعليقات
10 التعليقات

10 التعليقات :

  1. خيالك خصب ملأته بالترازا والقطط والشعر والأطفال
    سيناريو مخيف هذا الذي وضعته يا هيبو

    ردحذف
    الردود
    1. السلسلات القادمة ستكون مكملة لكل قصة تركتها بتساءل
      مثلا ماذا حدث للطفلة ولزوجة السائق واشياء اخرى انا بصدد تداولها مع بقابيق عقلي ^^

      حذف
  2. موضوع حلو .. شكرا لك

    ردحذف
  3. كما قالت سناء احداث مخيفه لكن نأمل ان تتغير عندما تكتب النهايه
    لي عوده ان شاء الله ^_^

    ردحذف
  4. قصتك سوف تتحول الى مسلسل ينافس مسلسل خلود XD

    عبد اللطيف

    ردحذف
  5. بارك الله فيك على التدوينة الجميلة مشكوووووووووووووور

    ردحذف
  6. موضوع رائع و مدونة جميلة جدا .. بارك الله فيك

    ردحذف
  7. اللحظة الراهنة وأحداثها السارة والمؤلمة كبرت أم صغرت . لها علاقة بأتفه تفاصيل حياتنا التي كناها بالأمس تفاهة الأمس مصيرنا غداً
    رائعة جداً

    ردحذف
  8. هو خيال خصب وأحداث شائقة ... قصة جميلة تمتهن ناصية الواقع وتمشي على أرصفتها، بين زقاقها وشوارعها الضيقة والفسيحة، تلتقط من الحياة أهم الأحداث؛ قضية الحياة والممات .. حادثة ومعجزة إلهية .. صروف الزمن ورغبة القدر... هي عناوين شتى وأسماء نتداولها لحدث نسيج وحده!!

    صدقا، إن كنتُ أرى في الأقصوصة جمالا وروعة .. فقد منعني من الاستمتاع بها طربًا ودهْشةً بعض الأخطاء الإملائية التي تزكم منها الأنوف وتمتعض لها الذائقة الفنية والذاكرة الأدبية .. أرجو أن تعيد النظر فيما كتَبتَه؛ فنصك تتخلله أخطاء أنت في غنى عنها -يندى لها الجبين- ربما هي جاءت إثر عملية الكتابة السريعة. إضافة إلى غياب كلي لعلامات الترقيم. أسأل باستغراب، لماذا تتعجلون نشر نفثات أقلامكم دون أن تعيدوا النظر فيها مرة تلو مرات .. أرجو أن تتقبَّل عتابي أو لومي بقلب رحب .. ولك مزيدا من الإبداع!!

    دمت بألف خير .. ورمضان مبارك كريم!!

    ردحذف