الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

في الغربة


كيف حالي ؟
أنا بالف خير وكيف لا أكون كذلك ... أنتم تعرفون شعور من ألف العيش في كنف والديه منذ صباه فعادي جدا أعتقد أن أحس أني بخير ... وحتى أكون صادقا فإن الاحساس فقدته وبات جسمي عبارة عن إناء فارغ من المشاعر، ربما ذلك يرجح سبب قولي أني بخير لكل سائل عن أحوالي...وأتساءل أحيانا أهل حقا الرجل القوي هو الرجل الوحيد ؟.
الغربة تكسر الالات فما بالها بالانسان...وحتى إن صمدت كثيرا فإن مشاهدتي لآخرين يسقطون جرحى الشوق أو قتلى البعاد يزيدني تحسرا ولأني إنسان فأكيد تصيبني عدوى التأثر أحيانا كثيرة، اللهم النهم الذي أصابني في قراءة الكتب التي حشرتها بحاسبي يوما، اليوم فقط أنثر الغبار عنها واليوم فقط عرفت المعنى الحقيقي لجملة "الكتاب صديق الوحدة"... أصبحت الكلمة تأسرني وتخفف عنى ذاك الوقع وأحيانا تعود بي إليه حانقا عاجزا.
الكثيرون هنا من أصدقاء الغربة اقتنوا "المدواخ" لينسيهوم مشاعر مكبوتة أو النوم من يفعل ذلك عوضا فهو في النهاية عزاء الشقاء ولم أصادف بعد أحدا يبكي في عزلة أو يخفي دموعه التي ستنهمر طوعا لكن يكفي بقائي ساهرا ليالي أرى وأسمع تأوهاتهم وإحساساتهم الفظيعة من حولي كأني في ساحة الوغى والكل مصاب، الكل يريد العودة للوطن باكرا بينما أنا سأتخذ من الغربة وطنا أكون فيه غريبا، بربكم ألست مجنون ؟.
يخيل لي بعد مضي وقت من الزمن أنه حتى وإن ذهب الانسان إلى بلاد الجنة وكان أبعد عن الوطن سيصبح يتيما...أجل ما أشد قسوة عبارة "يتيم الوطن" ولن يفهمها الا الذي يعيش الغربة...أعترف اني استخففت كثيرا بكلمات المتغربين أيامها والأن قد فهمتها، ولو متأخرا .
قد أكون عشت في بلدي كثيرا وقد قلت كثيرا أنه أجمل بلد ساخرا، أجدني الأن ملزم بالإعتذار للوطن كثيرا فشرب "كاس اتاي" كفيل أن يرجعني لرشدي وأن يحييني من جديد واصدقوني القول أني لم احس بمذاق الشاي المغربي الا وأنا اشربه خارجا، اليس غريبا ... الغريب أنه أحسستني إنسانا يبصر النور أول مرة عندما انتشر مذاقه في جسدي، هو احساس يصعب تفسيره حقا، حتى وإن حاولت مجازا .
منذ متى وفيروز يخطفني صوتها الشجي من الارض ويسبح بي في السما فأشرد فترمم ترانيمها أشلاء قلب خزفي محطم ... باتت الكلاسيكيات تزيد الحطام حطام فتصير تداخلات فوضى أشلاء الماضي والحاضر تحشر بضيق فيني، لم اتعود ذلك قط، لطالما وقفت صامدا أمام أي حطام فهل سأسمح لنفسي أن أهون الان ... أحيانا يكفي الاعتراف بضعف أحاسيسنا، بضعفنا لنحس بالراحة ...في النهاية أجد ربا يرعاني وملائكة تحملني عندما أغدق في ظلمات يأسي المتكرر .
أشكر السيد زاك فبضل اكتشافه العجيب بات لقاء غرباء الوطن سهلا وبات من الاسهل مشاركتهم لقاءات ،أفراح وأعياد. والجميل ابتسامتهم التي تخفي خلفها تراكمات مرض الغربة لكن ما عزاؤنا سوى تبادل الطرائف والانغماس في الاحاديث الصامتة .

قد سمعت اوباما يفوز بولاية ثانية ،وكأني مهتم ومسرور بفوزه لكن اكتب هذا السطر لأذكره أن سبب فوزه راجع لساندي ولدموعه التي ذرفها يومها لوطنه المدمر الذي قدمه يوما عبدا ... ليتني أصدق أنه إحساس صادق منه .
ليتني ببساطة أذرف دموعا كغيري عندما يزورني الشوق على حين غرة مني .

وبالمناسبة لا تسألوني ما الجديد ؟ فلا جديد تحت الشمس .!!!!

التعليقات
6 التعليقات

6 التعليقات :

  1. أعجبني ما كتبت كثيرا و أتأسف لوطن لو كان يوما أحس بقيمتنا لما ترك أبنائه يوما يبتعدون عنه للبحث عن أرزاقهم في بلدان اخرى.

    ردحذف
  2. جميل أن تقاسمنا مشاعرك المتقلبة و تتحدث عنها بهذه العفوية و السحر الأدبي .. لا تحزن يا صديقي فا الحياة إلا تجارب و أنت لها يا بطل
    أهديك هذه الأبيات للإمام الشافعي رحمه الله مع رشفة شاي تيفليتي أصيل و أحييك بقوة يا ابن العم :


    ما في المقام لـذي عقـلٍ وذي أدبٍ**********من راحة فدع الأوطـان واغتـرب
    سافر تجد عوضـاً عمـن تفارقـه **********وانصب فإن لذيذ العيش في النصـب
    إني رأيـت وقـوف المـاء يفسـده**********إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطـب
    والأسد لولا فراق الأرض ما افترست**********والسهم لولا فراق القوس لم يصـب
    والشمس لو وقفت في الفلك دائمـة**********لملها الناس من عجم ومـن عـرب
    والتبر كالترب ملقـي فـي أماكنـه**********والعود في أرضه نوع من الخطـب
    فـإن تغـرب هـذا عـز مطلـبـه **********وإن تغـرب ذلـك عـز كالذهـب

    ردحذف
  3. أخيرا لحقتي على كلامي، شفتي دابا هههه

    قلتها لك و اكررها، انت صاحب غاية و ما ظل من يعرف غايته

    أعانك الله، على الاقل انت في بلد مسلم ,,, ما حالي أنت التي أعيش في بلد غير مسلم

    كنت هنا

    ردحذف
  4. هذه هي طبيعة الانسان ، لا نعرف قيمة الشيء الا حين فقدانه ، ولن نحس بما تحس إلا إذا غادرنا وطننا تاحنايا شي نهار ، ماعدا ذلك سنظل نقول بسخرية أيضا : هيي، المغرب أجمل بلد في العالم .
    هشام ، زيّر :p

    ردحذف
  5. في الغربة وحين الغياب تظهر قيمة الاشياء اكانت المادية اوالمعنوية منها...محطة لابد منها

    على فكرة لو كانت "فيروز" الحسنة الوحيدة التي اكتسبتها في الغربة لكفت

    تحياتي
    مينتو

    ردحذف
  6. اصافي حتى نتا دبا تكبر و تنسى
    راك في بلد كاينين فيه المغاربة بزاف دبا يطلعو ليك فراسك ههههه
    تحياتي لك

    ردحذف